ابن الهيثم . من هو ابن الهيثم ؟؟.فلاسفة وعلماء ورحالة
ابن الهيثم . من هو ابن الهيثم ؟؟.فلاسفة وعلماء ورحالة
ابن الهيثم
965 - 1039م
ولد الحسن أبو علي بن الحسن بن الهيثم في البصرة سنة 354 للهجرة في عصر كان يشهد ازدهارا في مختلف العلوم من رياضيات وفلك وطب وغيرها، هناك انكب على دراسة الهندسة والبصريات وقراءة كتب من سبقوه من علماء اليونان و العالم الأندلسي الزهراوي وغيرهم في هذا المجال، كتب عدة رسائل وكتب في تلك العلوم وساهم على وضع القواعد الرئيسية لها، وأكمل ما كان قد بدأه العالم الكبير الزهراوي.
وكان في كل أحواله زاهدًا في الدنيا؛ درس في بغداد الطب، واجتاز امتحانًا مقررًا لكل من يريد العمل بالمهنة، وتخصص في طب الكحالة (طب العيون)، كان أهل بغداد يقصدونه للسؤال في عدة علوم، برغم أن المدينة كانت زاخرة بصفوة من كبار علماء العصر. وتوفي سنة 430 للهجرة في القاهرة.
شهد ابن الهيثم عصرا صاخباً بجلبة الحركة الفكرية المتدفقة ومزدهراً بشتى الآراء، لا في أمور الإعتقادات والمذاهب الشرعية، ولا في أمور اللغة والأدب فحسب، بل في الأمور الفلسفية العقلية والعلوم التعليمية أيضاً.
قضى في مرحلة طويلة من حياته يدرس كل ما وقعت عليه يداه مما كان متوافرا من كتب المتقدمين. ولم يكن ابن الهيثم يكتفي بقراءة هذه الكتب، بل كان يعد لها خلاصات، ومذكرات لكي يدرك دقائق المعاني الواردة فيها وينتفع بها طلاب العلم، بالإضافة إلى أنه كان مهندسا عمليا. فقد وضع كتابين في ذلك: أحدهما في عقود الأبنية والثاني في المساحة.
عاصر ابن الهيثم الخليفة الحاكم بأمر الله الذي كان يرعى العلماء في القاهرة والذي أنشأ دار الحكمة التي عُرِفت بدار العلم أيضا، وقد دعا الحاكم ابن الهيثم للحضور إلى مصر لما سمع به، فجاء الى القاهرة.
جاء في كتاب (أخبار الحكماء) للقفطي على لسان ابن الهيثم: "لو كنت بمصر لعملت بنيلها عملاً يحصل النفع في كل حالة من حالاته من زيادة ونقصان".
فوصل قوله هذا إلى الحاكم بأمر الله الفاطمي، فأرسل إليه بعض الأموال سرًا، وطلب منه الحضور إلى مصر. وأمده بما يريد للقيام بهذا المشروع، ولكن ابن الهيثم بعد أن حدد مكان إقامة وباشر دراسة النهر على طول مجراه، ولما وصل إلى قرب أسوان وجد مياه النيل تنحدر منه من كافة جوانبه، أدرك أنه كان واهمًا متسرعًا في ما ادعى المقدرة عليه وهو بناء سد يحجز ماء الفيضان، وأنه عاجز على البرّ بوعده بإمكانات عصره، فاعتذر للحاكم بأمر الله. حينئذ عاد إلى الحاكم بأمر بالله معتذراً، فقبل عذره وولاه أحد المناصب.غير أن ابن الهيثم خاف غضب الحاكم عليه، فخشي أن يكيد له، وتظاهر بالجنون، وظل على التظاهر به حتى وفاة الحاكم الفاطمي. وبعد وفاته عاد عن التظاهر بالجنون، وسكن قبة على باب جامع الأزهر، ومن مهنة نسخ بعض الكتب العالمية موردًا لرزقه، هذا بخلاف التأليف والترجمة؛ حيث كان متمكنًا من عدة لغات، وتفرغ في سائر وقته للتأليف والتجربة، وذلك حتى وفاته في عام 1039 م، وقد وصل ما كتبه إلى 237 مخطوطة ورسالة في مختلف فروع العلم والمعرفة، وقد اختفى جزء كبير من هذه المؤلفات .
غَرَضُ ابن الهيثم من البحوث الطبيعية الكشف في أحكام أو قواعد أو قوانين، ثم البناء على ما ينكشف منها. فهو، لا شك يعتقد أن ظواهر الطبيعة تجري على نظام، ويتكرر حدوثها على نهج واحد يتوافر فيه التجانس والإنسجام والتماثل. وفي كتاب المناظر الكبير، كان ابن الهيثم يضع هذه القاعدة نصب عينيه، وليس المهم أنه اكتشف قواعد الضوء والبصر والنظر وما إلى ذلك، لكن المهم أيضا أنه اتبع في الوصول إلى ذلك طريقة علمية. والطريقة العلمية التي اعتمدها ابن الهيثم تعتمد على العناصر الثلاثة المهمة، هي: الاستقراء والقياس والتمثيل.
وكان ابن الهيثم يرى أن تضارب الآراء هو الطريق الوحيد لظهور الحقيقة. وقد جعل من التجربة العملية منهاجًا ثابتًا في إثبات صحة أو خطأ النتائج العقلية أو الفرضيات العلمية، وبعد ذلك يحاول التعبير عن النتيجة الصحيحة بصياغة رياضية دقيقة.
استدل في جميع بحوثه في الضوء على القواعد والقوانين الأساسية بتجارب. وفي جميع هذه التجارب اتخذ أجهزة أو آلات خاصة جرى استعمالها على نظام خاص.. وعمله لم يكن مقصورا على مجرد إجراء التجارب، بل تضمن إنشاء أجهزة أو آلات استعملها في تلك البحوث. فكان ابن الهيثم مؤسس علم الضوء وقد وضع أسس هذا العلم في كتابه المناظر. وقد ألف هذا الكتاب عام 411هـ/ 1021م، وفيه استثمر خبرته الطبية، وتجاربه العلمية، فتوصل فيه إلى نتائج وضعته على قمة عالية في المجال العلمي، وصار بها أحد المؤسسين لعلوم غيّرت من نظرة العلماء لأمور كثيرة في هذا المجال حتى لقبه العلماء ( أمير النور ).
درس ابن الهيثم العين من الناحية الطبيعية، وبيّن كيف تنتقل صور المرئيات إلى الدماغ، وشرح العين وبيّن طبقاتها، كالشحمة البيضاء والعنبية والبؤبؤ والقرنية والجليدية والزجاجية، وبيّن كيفية انطباع الصورة وانسلاخها، ووضوح الرؤية، والعوامل المساعدة على الإبصار والإدراك وأخطاء البصر. كما بيّن ابن الهيثم أسباب حركة الحدقة واتساع البؤبؤ وانحساره، ورسم العين رسوما تبنّاها العلم الحديث لدقتها ودقة رسم الشرايين فيها، وعملية توزيع الدم والغذاء في شبكتيها، كما شرح العضلات والشرايين وبحث في تكوّن الجنين وخروجه وتشريح أجزائه.
كما وصف تأثير الموسيقى في الحيوان والناس في حالة المرض.
أما في علم الفلك فلابن الهيثم حوالي 20 مخطوطة في هذا المجال، وقد استخدم عبقريته الرياضية في مناقشة كثير من الأمور الفلكية، كما ناقش في رسائله بعض الأمور الفلكية مناقشة منطقية، عكست عبقرية الرجل من جانب، ومن جانب آخر عمق خبرته وعلمه بالفلك، ومن أمثله مؤلفاته:
ارتفاع القطب: وفيه استخرج ارتفاع القطب، وتحديد خط عرض أي مكان.
أضواء الكواكب: اختلاف منظر القمر.
ضوء القمر: وأثبت أن القمر يعكس ضوء الشمس وليس له ضوء ذاتي.
الأثر الذي في وجه القمر: وفيها ناقش الخطوط التي تُرى في وجه القمر، وتوصل إلى أن القمر يتكون من عدة عناصر، يختلف كل منها في امتصاص وعكس الضوء الساقط عليه من الشمس، ومن ثم يظهر هذا الأثر.
مقالة في التنبيه على مواضع الغلط في كيفية الرصد.
تصحيح الأعمال النجومية – ارتفاعات الكواكب.
أما في علم الميكانيكا كانت دراسته للظواهر الميكانيكية في إطار تجاربه في علم الضوء، ولكنه توصّل إلى رصد أن للحركة نوعين:
- الحركة الطبيعية : وهي حركة الجسم بتأثير من وزنه، وهو ما يعرف الآن باسم "السقوط الحر".
- الحركة العرضية : وهي الحركة التي تنتج من تأثير عامل خارجي (القوة)، وهو يرى في الجسم الساقط سقوطًا حرًا أن سرعته تكون أقوى وأسرع إذا كانت مسافته أطول، وتعتمد بالتالي سرعته على ثقله والمسافة التي يقطعها.
- تحليل حركة الجسم: ينظر ابن الهيثم إلى حركة الجسم أنها مركبة من قسطين (مركبتين)، واحدة باتجاه الأفق، والأخرى باتجاه العمود على الأفق، وأن الزاوية بين المركبتين قائمة، وأن السرعة التي يتحرك بها الجسم هو محصلة هذين القسطين.
- درس تغير سرعة الأجسام عند تصادمها بحسب خصائص هذه الأجسام وميز بين الاصطدام المرن، وغير المرن، وكان ذلك عند تجربته بإلقاء كرة من الصلب (في دراسته لانعكاس الضوء) على سطح من الحديد، وسقوطها على سطح من الخشب أو التراب.
وقد كان لابن الهيثم مساهماته الجليلة في العديد من العلوم غير علم البصريات؛ ففي علم الرياضيات وضع العديد من المؤلفات، وقد صل إلينا منها 37 مخطوطًا، بعضها كان شرحًا وتعليقًا على مؤلفات الأولين في هذا المجال، والبعض الآخر تأسيسًا لنظريات رياضية حول خصائص المثلث والكرة، وكيفية استخراج ارتفاعات الأجسام، وغير ذلك.
ذكر أن لابن الهيثم ما يقرب من مئتي كتاب، خلا رسائل كثيرة، فقد ألف في الهندسة والطبيعيات، والفلك، والحساب والجبر والطب والمنطق والأخلاق، بلغ منها مايتعلق بالرياضيات والعلوم التعليمية، خمسة وعشرين، وما يتعلق منها بالفلسفة والفيزياء، ثلاثة وأربعين، أما ماكتبه في الطب فقد بلغ ثلاثين جزءاً، وهو كتاب في الصناعات الطبية نظمه من جمل وجوامع مارآه مناسباً من كتب غالينوس، وهو
ثلاثون كتاباً:
الأول في البرهان، والثاني في فرق الطب، والثالث في الصناعة الصغيرة، والرابع في التشريح، والخامس في القوى الطبيعية، والسادس في منافع الأعضاء، والسابع في آراء أبقراط وأفلاطون، والثامن في المني، والتاسع في الصوت، والعاشر في العلل والأعراض، والحادي عشر في أصناف الحميات، والثاني عشر في البحران، والثالث عشر في النبض الكبير، والرابع عشر في الأسطقسات على رأي أبقراط، والخامس عشر في المزاج والسادس عشر في قوى الأدوية المفردة والسابع عشر في قوى الأدوية المركبة، والثامن عشر في موضوعات الأعضاء الآلمة، والتاسع عشر في حيلة البرء، والعشرون في حفظ الصحة، والحادي والعشرون في جودة الكيموس ورداءته، والثاني والعشرون في أمراض العين، والثالث والعشرون في أن قوى النفس تابعة لمزاج البدن، والرابع والعشرون في سوء المزاج المختلف، والخامس والعشرون في أيام البحران، والسادس والعشرون في الكثرة، والسابع والعشرون في استعمال الفصد لشفاء الأمراض، والثامن والعشرون في الذبول، والتاسع والعشرون في أفضل هيئات البدن، والثلاثون جمع حنين ابن إسحاق من كلام غالينوس وكلام أبقراط في الأغذية·
وتبين من تعداد هذه المصنفات أنه ألف في شؤون طبية هامة نقل معظمها عن غالينوس، ولكنه علق عليها وزاد فيها، وألف كتباً أخرى، ذات صلة بالطب والمعالجة، كرسالته في تأثير اللحون الموسيقية، في النفوس الحيوانية، وذلك في وقت لم تكن فيه معالجة بعض الأمراض النفسية، بالألحان الموسيقية قد وجدت طريقها أو احتلت مكانها في دنيا المعالجات النفسية·
أما الكتب التي قام بتأليفها:
كتاب المناظر:الذي يعد ثورة في عالم البصريات، فقد رفض فيه عددًا من نظريات بطليموس في علم الضوء، بعدما توصل إلى نظريات جديدة غدت نواة علم البصريات الحديث.
ومن أهم الآراء الواردة في الكتاب:
زعم بطليموس أن الرؤية تتم بواسطة أشعة تنبعث من العين إلى الجسم المرئي،ولما جاء ابن الهيثم نسف هذه النظرية ، فبين أن الرؤية تتم بواسطة الأشعة التي تنعكس من الجسم المرئي باتجاه عين المبصر.
كما بيّن ابن الهيثم أن الشعاع الضوئي ينتشر في خط مستقيم ضمن وسط متجانس.
اكتشف ابن الهيثم ظاهرة انعكاس الضوء، وظاهرة انعطاف الضوء .
و من أهم منجزاته أنه شرّح العين تشريحاً كاملاً، وبين وظيفة كل قسم منها :
- اختلاف منظر القمر
- رؤية الكواكب
- التنبيه على ما في الرصد من الغلط
أصول المساحة
- أعمدة المثلثات
- المرايا المحرقة بالقطوع
- المرايا المحرقة بالدوائر
كيفـيات الإظلال
- رسالة في الشفق
- شرح أصول إقليدس
- مقالة فی صورةالکسوف
- رسالة فی مساحة المسجم المکافی
- مقالة فی تربیع الدائرة
- مقالة مستقصاة فی الاشکال الهلالیة
- خواص المثلث من جهة العمود
- القول المعروف بالغریب فی حساب المعاملات
- قول فی مساحة الکرة.
- كتاب الجامع في أصول الحساب.
- كتاب في تحليل المسائل الهندسية.
- مقالة في التحليل والتركيب.
درس ابن الهيثم ظواهر إنكسار الضوء وإنعكاسه بشكل مفصّل ، وخالف الآراء القديمة كنظريات بطليموس ، فنفى ان الرؤية تتم بواسطة أشعة تنبعث من العين ، كما أرسى أساسيات علم العدسات وشرّح العين تشريحا كاملا . يعتبر كتاب المناظر Optics المرجع الأهم الذي استند عليه علماء العصر الحديث في تطوير التقانة الضوئية، وهو تاريخياً أول من قام بتجارب الكاميرا Camera و هو الاسم المشتق من الكلمة العربية : " قُمرة " وتعني الغرفة المظلمة بشباك صغير.
ابن الهيثم
965 - 1039م
محمد بن الحسن بن الحسن بن الهيثم أبو علي البصري، لقب بالبصري نسبة إلى مدينة البصرة. ابن الهيثم هو عالم عربي في الرياضيات والبصريات والهندسة له العديد من المؤلفات والمكتشفات العلمية التي أكدها العلم الحديث.
ولد الحسن أبو علي بن الحسن بن الهيثم في البصرة سنة 354 للهجرة في عصر كان يشهد ازدهارا في مختلف العلوم من رياضيات وفلك وطب وغيرها، هناك انكب على دراسة الهندسة والبصريات وقراءة كتب من سبقوه من علماء اليونان و العالم الأندلسي الزهراوي وغيرهم في هذا المجال، كتب عدة رسائل وكتب في تلك العلوم وساهم على وضع القواعد الرئيسية لها، وأكمل ما كان قد بدأه العالم الكبير الزهراوي.
وكان في كل أحواله زاهدًا في الدنيا؛ درس في بغداد الطب، واجتاز امتحانًا مقررًا لكل من يريد العمل بالمهنة، وتخصص في طب الكحالة (طب العيون)، كان أهل بغداد يقصدونه للسؤال في عدة علوم، برغم أن المدينة كانت زاخرة بصفوة من كبار علماء العصر. وتوفي سنة 430 للهجرة في القاهرة.
شهد ابن الهيثم عصرا صاخباً بجلبة الحركة الفكرية المتدفقة ومزدهراً بشتى الآراء، لا في أمور الإعتقادات والمذاهب الشرعية، ولا في أمور اللغة والأدب فحسب، بل في الأمور الفلسفية العقلية والعلوم التعليمية أيضاً.
قضى في مرحلة طويلة من حياته يدرس كل ما وقعت عليه يداه مما كان متوافرا من كتب المتقدمين. ولم يكن ابن الهيثم يكتفي بقراءة هذه الكتب، بل كان يعد لها خلاصات، ومذكرات لكي يدرك دقائق المعاني الواردة فيها وينتفع بها طلاب العلم، بالإضافة إلى أنه كان مهندسا عمليا. فقد وضع كتابين في ذلك: أحدهما في عقود الأبنية والثاني في المساحة.
عاصر ابن الهيثم الخليفة الحاكم بأمر الله الذي كان يرعى العلماء في القاهرة والذي أنشأ دار الحكمة التي عُرِفت بدار العلم أيضا، وقد دعا الحاكم ابن الهيثم للحضور إلى مصر لما سمع به، فجاء الى القاهرة.
جاء في كتاب (أخبار الحكماء) للقفطي على لسان ابن الهيثم: "لو كنت بمصر لعملت بنيلها عملاً يحصل النفع في كل حالة من حالاته من زيادة ونقصان".
فوصل قوله هذا إلى الحاكم بأمر الله الفاطمي، فأرسل إليه بعض الأموال سرًا، وطلب منه الحضور إلى مصر. وأمده بما يريد للقيام بهذا المشروع، ولكن ابن الهيثم بعد أن حدد مكان إقامة وباشر دراسة النهر على طول مجراه، ولما وصل إلى قرب أسوان وجد مياه النيل تنحدر منه من كافة جوانبه، أدرك أنه كان واهمًا متسرعًا في ما ادعى المقدرة عليه وهو بناء سد يحجز ماء الفيضان، وأنه عاجز على البرّ بوعده بإمكانات عصره، فاعتذر للحاكم بأمر الله. حينئذ عاد إلى الحاكم بأمر بالله معتذراً، فقبل عذره وولاه أحد المناصب.غير أن ابن الهيثم خاف غضب الحاكم عليه، فخشي أن يكيد له، وتظاهر بالجنون، وظل على التظاهر به حتى وفاة الحاكم الفاطمي. وبعد وفاته عاد عن التظاهر بالجنون، وسكن قبة على باب جامع الأزهر، ومن مهنة نسخ بعض الكتب العالمية موردًا لرزقه، هذا بخلاف التأليف والترجمة؛ حيث كان متمكنًا من عدة لغات، وتفرغ في سائر وقته للتأليف والتجربة، وذلك حتى وفاته في عام 1039 م، وقد وصل ما كتبه إلى 237 مخطوطة ورسالة في مختلف فروع العلم والمعرفة، وقد اختفى جزء كبير من هذه المؤلفات .
غَرَضُ ابن الهيثم من البحوث الطبيعية الكشف في أحكام أو قواعد أو قوانين، ثم البناء على ما ينكشف منها. فهو، لا شك يعتقد أن ظواهر الطبيعة تجري على نظام، ويتكرر حدوثها على نهج واحد يتوافر فيه التجانس والإنسجام والتماثل. وفي كتاب المناظر الكبير، كان ابن الهيثم يضع هذه القاعدة نصب عينيه، وليس المهم أنه اكتشف قواعد الضوء والبصر والنظر وما إلى ذلك، لكن المهم أيضا أنه اتبع في الوصول إلى ذلك طريقة علمية. والطريقة العلمية التي اعتمدها ابن الهيثم تعتمد على العناصر الثلاثة المهمة، هي: الاستقراء والقياس والتمثيل.
وكان ابن الهيثم يرى أن تضارب الآراء هو الطريق الوحيد لظهور الحقيقة. وقد جعل من التجربة العملية منهاجًا ثابتًا في إثبات صحة أو خطأ النتائج العقلية أو الفرضيات العلمية، وبعد ذلك يحاول التعبير عن النتيجة الصحيحة بصياغة رياضية دقيقة.
استدل في جميع بحوثه في الضوء على القواعد والقوانين الأساسية بتجارب. وفي جميع هذه التجارب اتخذ أجهزة أو آلات خاصة جرى استعمالها على نظام خاص.. وعمله لم يكن مقصورا على مجرد إجراء التجارب، بل تضمن إنشاء أجهزة أو آلات استعملها في تلك البحوث. فكان ابن الهيثم مؤسس علم الضوء وقد وضع أسس هذا العلم في كتابه المناظر. وقد ألف هذا الكتاب عام 411هـ/ 1021م، وفيه استثمر خبرته الطبية، وتجاربه العلمية، فتوصل فيه إلى نتائج وضعته على قمة عالية في المجال العلمي، وصار بها أحد المؤسسين لعلوم غيّرت من نظرة العلماء لأمور كثيرة في هذا المجال حتى لقبه العلماء ( أمير النور ).
درس ابن الهيثم العين من الناحية الطبيعية، وبيّن كيف تنتقل صور المرئيات إلى الدماغ، وشرح العين وبيّن طبقاتها، كالشحمة البيضاء والعنبية والبؤبؤ والقرنية والجليدية والزجاجية، وبيّن كيفية انطباع الصورة وانسلاخها، ووضوح الرؤية، والعوامل المساعدة على الإبصار والإدراك وأخطاء البصر. كما بيّن ابن الهيثم أسباب حركة الحدقة واتساع البؤبؤ وانحساره، ورسم العين رسوما تبنّاها العلم الحديث لدقتها ودقة رسم الشرايين فيها، وعملية توزيع الدم والغذاء في شبكتيها، كما شرح العضلات والشرايين وبحث في تكوّن الجنين وخروجه وتشريح أجزائه.
كما وصف تأثير الموسيقى في الحيوان والناس في حالة المرض.
أما في علم الفلك فلابن الهيثم حوالي 20 مخطوطة في هذا المجال، وقد استخدم عبقريته الرياضية في مناقشة كثير من الأمور الفلكية، كما ناقش في رسائله بعض الأمور الفلكية مناقشة منطقية، عكست عبقرية الرجل من جانب، ومن جانب آخر عمق خبرته وعلمه بالفلك، ومن أمثله مؤلفاته:
ارتفاع القطب: وفيه استخرج ارتفاع القطب، وتحديد خط عرض أي مكان.
أضواء الكواكب: اختلاف منظر القمر.
ضوء القمر: وأثبت أن القمر يعكس ضوء الشمس وليس له ضوء ذاتي.
الأثر الذي في وجه القمر: وفيها ناقش الخطوط التي تُرى في وجه القمر، وتوصل إلى أن القمر يتكون من عدة عناصر، يختلف كل منها في امتصاص وعكس الضوء الساقط عليه من الشمس، ومن ثم يظهر هذا الأثر.
مقالة في التنبيه على مواضع الغلط في كيفية الرصد.
تصحيح الأعمال النجومية – ارتفاعات الكواكب.
أما في علم الميكانيكا كانت دراسته للظواهر الميكانيكية في إطار تجاربه في علم الضوء، ولكنه توصّل إلى رصد أن للحركة نوعين:
- الحركة الطبيعية : وهي حركة الجسم بتأثير من وزنه، وهو ما يعرف الآن باسم "السقوط الحر".
- الحركة العرضية : وهي الحركة التي تنتج من تأثير عامل خارجي (القوة)، وهو يرى في الجسم الساقط سقوطًا حرًا أن سرعته تكون أقوى وأسرع إذا كانت مسافته أطول، وتعتمد بالتالي سرعته على ثقله والمسافة التي يقطعها.
- تحليل حركة الجسم: ينظر ابن الهيثم إلى حركة الجسم أنها مركبة من قسطين (مركبتين)، واحدة باتجاه الأفق، والأخرى باتجاه العمود على الأفق، وأن الزاوية بين المركبتين قائمة، وأن السرعة التي يتحرك بها الجسم هو محصلة هذين القسطين.
- درس تغير سرعة الأجسام عند تصادمها بحسب خصائص هذه الأجسام وميز بين الاصطدام المرن، وغير المرن، وكان ذلك عند تجربته بإلقاء كرة من الصلب (في دراسته لانعكاس الضوء) على سطح من الحديد، وسقوطها على سطح من الخشب أو التراب.
وقد كان لابن الهيثم مساهماته الجليلة في العديد من العلوم غير علم البصريات؛ ففي علم الرياضيات وضع العديد من المؤلفات، وقد صل إلينا منها 37 مخطوطًا، بعضها كان شرحًا وتعليقًا على مؤلفات الأولين في هذا المجال، والبعض الآخر تأسيسًا لنظريات رياضية حول خصائص المثلث والكرة، وكيفية استخراج ارتفاعات الأجسام، وغير ذلك.
ذكر أن لابن الهيثم ما يقرب من مئتي كتاب، خلا رسائل كثيرة، فقد ألف في الهندسة والطبيعيات، والفلك، والحساب والجبر والطب والمنطق والأخلاق، بلغ منها مايتعلق بالرياضيات والعلوم التعليمية، خمسة وعشرين، وما يتعلق منها بالفلسفة والفيزياء، ثلاثة وأربعين، أما ماكتبه في الطب فقد بلغ ثلاثين جزءاً، وهو كتاب في الصناعات الطبية نظمه من جمل وجوامع مارآه مناسباً من كتب غالينوس، وهو
ثلاثون كتاباً:
الأول في البرهان، والثاني في فرق الطب، والثالث في الصناعة الصغيرة، والرابع في التشريح، والخامس في القوى الطبيعية، والسادس في منافع الأعضاء، والسابع في آراء أبقراط وأفلاطون، والثامن في المني، والتاسع في الصوت، والعاشر في العلل والأعراض، والحادي عشر في أصناف الحميات، والثاني عشر في البحران، والثالث عشر في النبض الكبير، والرابع عشر في الأسطقسات على رأي أبقراط، والخامس عشر في المزاج والسادس عشر في قوى الأدوية المفردة والسابع عشر في قوى الأدوية المركبة، والثامن عشر في موضوعات الأعضاء الآلمة، والتاسع عشر في حيلة البرء، والعشرون في حفظ الصحة، والحادي والعشرون في جودة الكيموس ورداءته، والثاني والعشرون في أمراض العين، والثالث والعشرون في أن قوى النفس تابعة لمزاج البدن، والرابع والعشرون في سوء المزاج المختلف، والخامس والعشرون في أيام البحران، والسادس والعشرون في الكثرة، والسابع والعشرون في استعمال الفصد لشفاء الأمراض، والثامن والعشرون في الذبول، والتاسع والعشرون في أفضل هيئات البدن، والثلاثون جمع حنين ابن إسحاق من كلام غالينوس وكلام أبقراط في الأغذية·
وتبين من تعداد هذه المصنفات أنه ألف في شؤون طبية هامة نقل معظمها عن غالينوس، ولكنه علق عليها وزاد فيها، وألف كتباً أخرى، ذات صلة بالطب والمعالجة، كرسالته في تأثير اللحون الموسيقية، في النفوس الحيوانية، وذلك في وقت لم تكن فيه معالجة بعض الأمراض النفسية، بالألحان الموسيقية قد وجدت طريقها أو احتلت مكانها في دنيا المعالجات النفسية·
أما الكتب التي قام بتأليفها:
كتاب المناظر:الذي يعد ثورة في عالم البصريات، فقد رفض فيه عددًا من نظريات بطليموس في علم الضوء، بعدما توصل إلى نظريات جديدة غدت نواة علم البصريات الحديث.
ومن أهم الآراء الواردة في الكتاب:
زعم بطليموس أن الرؤية تتم بواسطة أشعة تنبعث من العين إلى الجسم المرئي،ولما جاء ابن الهيثم نسف هذه النظرية ، فبين أن الرؤية تتم بواسطة الأشعة التي تنعكس من الجسم المرئي باتجاه عين المبصر.
كما بيّن ابن الهيثم أن الشعاع الضوئي ينتشر في خط مستقيم ضمن وسط متجانس.
اكتشف ابن الهيثم ظاهرة انعكاس الضوء، وظاهرة انعطاف الضوء .
و من أهم منجزاته أنه شرّح العين تشريحاً كاملاً، وبين وظيفة كل قسم منها :
- اختلاف منظر القمر
- رؤية الكواكب
- التنبيه على ما في الرصد من الغلط
أصول المساحة
- أعمدة المثلثات
- المرايا المحرقة بالقطوع
- المرايا المحرقة بالدوائر
كيفـيات الإظلال
- رسالة في الشفق
- شرح أصول إقليدس
- مقالة فی صورةالکسوف
- رسالة فی مساحة المسجم المکافی
- مقالة فی تربیع الدائرة
- مقالة مستقصاة فی الاشکال الهلالیة
- خواص المثلث من جهة العمود
- القول المعروف بالغریب فی حساب المعاملات
- قول فی مساحة الکرة.
- كتاب الجامع في أصول الحساب.
- كتاب في تحليل المسائل الهندسية.
- مقالة في التحليل والتركيب.
درس ابن الهيثم ظواهر إنكسار الضوء وإنعكاسه بشكل مفصّل ، وخالف الآراء القديمة كنظريات بطليموس ، فنفى ان الرؤية تتم بواسطة أشعة تنبعث من العين ، كما أرسى أساسيات علم العدسات وشرّح العين تشريحا كاملا . يعتبر كتاب المناظر Optics المرجع الأهم الذي استند عليه علماء العصر الحديث في تطوير التقانة الضوئية، وهو تاريخياً أول من قام بتجارب الكاميرا Camera و هو الاسم المشتق من الكلمة العربية : " قُمرة " وتعني الغرفة المظلمة بشباك صغير.
المراجع: موسوعة الويكيبيديا
http://www.stooob.com/684296.html
أضف تعليق